جلست بجانبي على المقعد الخشبي وفي يدها
كراسة ، وأخذت تتمتم بكلمات غير مسموعة أو
مفهومة وهي تحاول أن تخفي دمعة حزن ترقرقت في عينيها البلورية ، بكاؤها
المتواصل ونحيبها الدائم على فراق أخيها
الصغير ، وبعدها عن الأكل والشرب جعل منها
وردة ذابلة وسط صحراء قاحلة شح فيها المطر بعد أن كانت وردة زاهية متفتحة للحياة
وسط جنة خضراء متلألئة .
قالت لي بصوت ضعيف والكلمات لا تطاوعها
وتذوب الحروف وسط تشنجاتها
" لقد مات " ، ولم تتمالك نفسها
فأطلقت العنان لعينيها لتسكب ما تبقى من لألئها
الفضية على وجنتيها .
استجمعت
بعضاً مما تبقى لدي من قوة
على الكلام وقلت لها بعد ان
توقفت أصابعها الذهبية عن العبث
بالكراسة ودموعها عن الانحدار : "هذه هي سنة الحياة وقضاء الله سبحانه وتعالى ، يموت شخصاً ليولد
آخر وهكذا تسير بنا سفينة الحياة ويمر علينا قطار العمر السريع ليأخذنا معه
إلى محطة المصير المحتوم ، ولولا
ذلك لضاقت بنا الأرض بما رحبت واني موقن
من ان أيمانك بالله قوي ، وسوف
تدركين معنى كلامي " .
قالت لي وهي
تمسح دموعاً أخرى تناثرت على
وجنتيها : " كنا ننوي السفر لعلاجه "
.. ، ساد الصمت بعدها لحظات وما زالت
مطرقة الرأس سارحه في عالم بعيد تاركه كل شيء وراءها ، وفجأة رفعت رأسها
وكأنها تستعد لسرد قصة قديمة مؤلمة ، إلا أنها فضلت
أن تحتفظ بها لنفسها ، وأكتفت بأن تذرف آخر لؤلؤة تبقت لديها من عينيها
اللؤلؤية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق